الثلاثاء، 13 أبريل 2010

الغراب الذي مسني وقت غربة!!!


كنت قد سكنت في مسكن شاهق عالي البناء قرب مركز عملي و دراستي في الغربة!! و كنت أستيقظ في الصباح الباكر مسرعةً بعد صلاة الفجر لأبدأ يومي الذي ما إن ينتهي حتى أبدأ يومي من جديد في نفس المكان!! و هو المختبر!!! و حقيقة كنت أستهلك طاقتي ووقتي مسابقةً الزمن لأنهي دراستي في وقت قياسي و مع الحصول على امتياز مع مرتبة الشرف!!! و فعلاً قد حصلت على ما أريد بجهدي و اجتهادي و عملي المستمر. لم أضيع فرصة و لا ثانية من وقتي لأنهي أو استكمل أو استدرك ما فاتني من عمل!!!
و حدث في صباح يوم باكر ...هاديء مشمس جميل ....تسود أنحاء منطقتي الخضرة و النسيم العليل و خاصة في أوقات الصباح الباكرة ....أن مشيت مسرعة وهي عادتي هذه المشية ....و لا ألوي على شيء سوى هدفي و ما أريد لا أنظر لا شمال و لا يمين ....مستقيمة و متوكلة على الله عاملة بما أريد و متخذة بالأسباب بما يريد الله. سبحانه جل في علاه.
فكان الهدوء في طريقي مع صوت ملابسي من سرعة مشيي تحف طريقي !!! و فجأة ....مع مشيتي السريعة لحظت طائراً أسود اللون يكسوه لون أبيض مهتريء ربما كان شيباً به ...أو لوناً اكتسبه من طبعه!!! إنها الألوان حينما تكسبها أنفسنا!!! فنتشرب الحمرة حين خجلنا!!! و نتسلم الصفرة حين مرضنا!!! و نتكلم الإصفرار حين خوفنا من مخوفنا!!! و عملاق رعبنا في داخلنا!!! إنها الألوان تكسبنا و نكسبها شئنا أم أبينا!!! فنحن لا نختار بعضها لنا ولا لبعضنا!!! آه كم حسبت نفسي وقتها أنني فنانة رسامة!!! حين رسمت كل هذه الألوان في مخيلتي ....و مضى الطائر يلحظني و ألحظه!!! مشيتي سريعة لكنه متعثر الخطى لا يقوى على الإنكسار الذي أصابه و أصاب طريقي!!! أردت الأنحراف الإنكسار عنه!!! لكنه أبى إلا أن يكسر طريقتي!!! تجاوزته مسرعة لم أعبه به ....إلا .....


أوقفني غصباً طائر آخر كان كإبنه أو كمن كان هذا غلامه و هو شيخه!!! نعق علي نعقةً ...و لوقتنا هذا!!! أتذكر صوته!!! و صوت نعيقه....إنه يسكن كوابيسي و أسكنه!!! و لم يزل!!! إنه غراب آخر ولكنه كان له و به!!! خير معين له!! يكن المودة و الاحترام له و لسيده و مولاه الأسود ذو اللون الأبيض و المهتريء!!! غرابنا الأبقع!!!
تتابعت حركاته و صرخاته و تكررت نعقاته!!! لم تزل خطواتي مسرعة !! لست مكترثة!! بدايةً فقد كان يحلق بعيداً و لكنه مقترباً و بدى على اقتراب مني شيئاً فشيئاً بازدياد خفقاته و نعيق صوته!!!....كانت الصدمة مهولة!!! فالسكون المحيط و الذي لم يكن في الحسبان أنه سيستمر!!! كان قد كسره نعيق غليظ!!! يحتد مرة و يغلظ أقسى مرات ...تكرر و أحدث خوفاً داخلي!!! لم يكن أحد حولي ليلحظ خوفي و لكنه لحظه!!! - و الحقيقة العلمية أن أي حيوان بما في ذلك أي طائر يشعر بخوفك و يعرف خوفك الداخلي منه أو من أي شيء حوله!!! فسيضعفك!!! - فلا تجهل هذا!!! إنه أمم أمثالنا!!! وضعت حقيبتي على رأسي من شدة خوفي الذي كشفه!! و حماية لي من قربه!!! ....و قد انتبهت!!! و هذه حقيقة لا لبس فيها !!! أنه كان يحدثني بلسان بشر!!!
وبَخني و أظهر أني مخطئة و عاقة بالضعيف و أني لم أحترم الشيخ الكبير!!! و لم أعط/ه!!! حق الطريق. فقال لي إن هذا أبي شيخ مسن!!! و أنت لم تحترمي شيخاً مسناً في طريقك!!! و لا في حياتك!!! اسمعي نعيقي و لا تجهلي صنيعي!!! فانظري ما أفعل!!! و حمل أبوه المسن أمامي بطريقة عجيبة!!! و لم أكد أصدق أنه يتكلم بلساني و لسان البشر!!! و ارتفع به محلقاً عالياً إلى أعلى شجرة كانت أمامي!!! و فوق رأسي نثر علي أوراق شجرة و معها آثامي!!! ينعق كل مرة يوبخني و ينظر إلي بحدة كعمق بئر نظرت فنظرت أنني أقع في حفرة!!! و أمامي وقعت في حفرة!!! لم تكن حفرة!!! لكنها سقطة!! وقعتها فتوهمت أنها حفرة!!! ووقعت بين آثامي و أوهامي ألتقط من بينها ورقة ورقة ولكنها كانت أوراقي!!! تسقط ورقة ورقة من حقيبتي ومن فوق رأسي!!! يا للهول!!! كم ورقة كنت أضع في حقيبتي هههه لم أنتبه إلا أن هذا الغراب ....استكمل علي أوراقي!!! و نسيت أنني كنت من وضع الحقيبة فوق رأسي!!! و بها أوراقي!!! هو لم يفعل!!! بل نعق و استكمل النعق بصوت أعمق و أغلظ و أنقع!!! أوبرا صباحي!!! لكنه صوت اوبرا حقيقي و قصة حقيقية!!!
الحقيقة أنني حين نعقه لم أنصرف عن شيء سوى أنني بت منهارة القوى و كأن طاقة صوته استخدمت طاقتي!!! و عندما تتحول الطاقة فإنها تأخذ من كتلتي و تضربها بمربع سرعة الضوء!!! و هذا فعلاً ما حسبته وقتها!!! إنها الحقيقة....و لم لم أؤثر غيري على نفسي؟؟؟ لم؟...استهلكت هالة من الأسئلة أيضاً طاقتي!!! انكسرت طاقتي و انكسرت نظرتي نحو الشيخ أعلى الشجرة!!! نظر إلي الشيخ بنظرة حانية!!! و نظراتي إليه منكسرة!!! و استدفعت شر الناعق فوق رأسي علي!!! و سحب بساط نعقه من فوق رأسي و سكوني!!! و استبدله بالهجوم الخاطف علي!!! لم أعد أهتم لنفسي فلقد خارت قواي و استسلمت لمصيري!!! لم يعد أنا من أنا!!!! شيخي الكبير أستسلم لوقارك و أعطيك حق مرورك و طريقك فاصفح عني!!! ....أرجوك لم أعد أنا من أنا!!! و لم يكترث من هو حولي بي أنا ....فلا تهتم بي و بمن أنا!!!! أرجوك!!!



هذه الحادثة حقيقية وكان قد شهدها حارس الحديقة من بدايتها إلى نهايتها مذهولاً هو الآخر و في الحقيقة كان يتوقع مثل هذه التصرفات من الغربان التي كانت منتشرة و بشكل اعتيادي في مثل هذه المنطقة!! .... تقدم الحارس على مسافة قريبة مني قائلاً: لقد كان اليوم غريباً!!! و إن هذا الغراب يستحق القتل!! - لم يكن لدي أدنى تعليق!! ( للحارس! ) فهو شاهد ما حدث وقتها لكنه قطعاً لم يداخله ذلك الشعور الذي داخلني وقت تحدث الغراب لي!!! و لم يشعر باستلاب الطاقة مني حينها و إلى أجل!!!
-وقد تذكرت أحاديثاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم تروى عن الغراب ك: خمس من الدواب ليس على قاتلهن جناح: الغراب والحدأة والفأر والحية والعقرب!!!.... و أنه من الفواسق!!!
اختفى الغراب و شيخه من على الشجرة!!! و حتى الحارس!!! و لم يظهر أحد!!! و تابعت سيري و أنا أستغرب كل هذا....و وصلت إلى مكان عملي (مختبر التجارب!!) والمصيبة أن التجربة التي قمت بها كان يشوبها نحس شديد وتعب شديد قضيت معظم وقتي مرهقة التفكير و متعبة غير مصدقة وقضيت أكثر من ست ساعات في عمل متواصل وبعد أكثر من ست ساعات متواصلة اكتشفت أنني قد أضفت المادة الخطأ في تجربتي من أول التجربة!! وعرفت أنه لن تظهر النتائج التي أرغب ولم تظهر وعلمت أنه لولا الغراب لما حصل كل هذا الشؤم واستذكرت التفاؤل وغيرت خططي لهذا اليوم فقررت الذهاب للسوق و التسوق!!!



علني أنسى يومي البائس و المشؤوم!! ذهبت مشياً ثم ركبت باصاً مساره يتجه ناحية السوق و محلات التسوق....و نسيت كل شيء سوى التسوق و الإلتهاء بالمعروض....ثم اتجهت بعدها رجوعاً لمحل إقامتي! و ذلك بعد تجوالي التسوقي... وقبلها كنت قد وقفت عند مكان وقوف الباص الذي يقفل لمحل عودتي و إقامتي....و انتظرته....وقفت هناك و بعد 3 دقائق سيحين وصوله!! وخلال وقت انتظاري ...قفل علي شاب عابراً الطريق المقابل لي و قاصداً لي!!! و بنبرة تعنيف و عدم رضى ... ابتدأ سيلاً من الشتائم و التي لا تقل عما أبدع في قوله حالة السباب عندي!!! و في الغربة ...يندر أن يعنفك ذكر إلا و تلقى له علاج!! أخذ سبابه ينتشر و يضر من حولي....حتى أن إحداهن أم كانت تقف إلى جنبي في طابور انتظار الباص ....خافت و بشدة انحنت على طفلها ذو العشر سنوات و لم تلق لي بالاً وسط هذه الغارة!!! فهو إما مدمن مخدرات و إما معتوه لم يكن يدر بخلد أياً منا غير هذا الوصف!!! و ما أكثرهم هناك و بخاصة في الأسواق و الزوايا و أماكن انتشار محطات الباص!!...و بدوري أعلم أنه لا خير فيهم لا من يقف بجانبي ولا من حولي ....كل غادي و رائح و لا يتدخل بما لا يعنيه و لا يتصرف بما يتوافق مع مروءة أو شهامة أو مساعدة ....طبعاً إلا ما ندر!!!...و وقفت وانتظرته ليكمل سبابه و نظرت إليه بعينين يملأهما الشزر و الغضب!!! هههه فأنا أعرف كيف أحدق و بقوة و غضب لا يعجبني و لا أعجب به من تصرف... و صدقت في تصرفي و بثقة و أعطيته على قفاه بالسباب المماثل ....حقيقة لم أشعر إلا و نظر إلي بتعجب!!! كمن لم يتعود مثل هذا التصرف و نظر بانكسار إلي و تركني حال سبيلي!!! جاء الباص بعده بدقيقة و بصقت على الأرض!!! لا أعلم لم!!! لكنني بصقت ....و تفلت تفلات...متفلتات هناك و هناك ....و كرهت هذا اليوم وسرت ألعن هذا اليوم و كل ذكور العالم بهذا اليوم ....لم أترك حائطاً و لا ممراً و لا حجرةً و لا بلاطةً في الشارع وقتها إلا لعنتها و معها تفلةً و معها أي ذكر يمر بجانبي!!!! ....ابن الذين....!!! سخط ما بعده سخط!!! و آخرهم شاب في المراهقة نزغ من الشيطان حل بملابس إنسان ....و للعلم فإن مراهقي هذه الغربة لا يحمينا منهم لا قانون ولا أخلاق ولا قيم!!! ..نظرت إليه وقتها بشزر و و قلت له نعم ما تريد أنت أيضاً؟؟!!! لم يفهمني و خاف مني و ارتعب!!! ثم سرعان ما تحول عني و ذهب إلى ناحية أخرى.. ههههه حقيقة أحسست بسعادة عارمة مع هذا الجو المطري الجميل الذي كان يداعب نسمات الهواء العليل هناك....و مررت بحديقة مقابلة لي.....بعدها رأيته يتحلق!!! إنه الغراب صاحبنا ناعق الصباح و مفسد التجارب و مؤرق المرور!!! هنا وسط الحديقة مرة أخرى!!! ...لم أخف و لم يهتم لكنه يعرفني!!! و لم أشأ تذكر شيء من القرآن و لا أي شيء و لا حتى و لا بسملة ولا حوقلة ولا لسور قرآن و لا لأي آي فيه!!!....ببساطة كنت كارهة لكل شيء!!!! مسلسل سب و لعن و لا أريد شيء !!! يكفي و كفى مني هذا اليوم أي شيء!!! فقط كنت أنتظر لأتفل عليه!!! فقد حرق أعصابي كل هذا اليوم!!! لم أعبه به...و سرت واثقة!!! لا أدري واثقة من ماذا؟!!! لكنني واثقة جداً!!!
بعد رجوعي لمحل إقامتي...قمت بالاتصال بوالدي براً بهما فلربما أسأت إليهما!!! كنت أتحدث إليهما بشيء من الغرابة لم يعهداه بي!! لم أخبرهما طبعاً بما حدث لي!!! لكنهما كانا سعيدين بي و بمحادثتي التي طالت على غير المعتاد حين اتصالي بهما!! ...(هههه أنا شريرة كثيراً) لم ألحظ سوى الغراب صاحبنا مرة أخرى!!! ينقر بنقرات 6 نقرات!!! على نافذة مسكني!!! مرة أخرى ينقر 6 نقرات!!! لكنه هذه المرة أحضر مرآة صغيرة بين مخالبه!!! ووضعها على طرف النافذة!! يعلق على صورتي فيها!!! لم أستطع فتح النافذة و لم أستطع رؤية كاملة لي!!! و لم أستطع سماع تعليقه علي!!! و...و سقطت المرآة من عليها و اختفى كل شيء!!!


عند المساء!!! .....بدأت ليلة متعبة معي...أسلمت نفسي للسرير...لم يكن هناك ظلام ...حتى بعد أن هدأت الأنوار المحيطة و أطفأت أنوار الغرفة!!!...ليل هذه البلاد قصير و ضوء القمر ساطع منير!!! لا مجال للظلام و لا لسواد الليل البهيم هنا!!!
فقط مجال للغراب و سواده!!!! المهم!!!
بدأ النعاس يتسلل الغرفة و يتسلل النافذة ....يمر فوق عيني!!! لكنه يستل مني نفسه و يؤرقني لحلول اليقظة!!! ...و أخيراً هدأت نفسي متعبة و لكنها مستيقظة!!! قلقة ...و تحس بكل ما يدور حولها من حياة!!! ...نمت في الأخير و في ساعات الفجر الأولى!!! من يوقظني في هذه اللحظة الممتعة!!! من يسلبني راحتي....أماه !!! من أين أتيت؟ يالله!!! أين أنا و أين أنت؟ وقفت تناديني عند باب الغرفة!!! استيقظي وارجعي!!! أماه؟ ماذا؟ من أين أتيت؟ ....(وقتها!!! أمي تسكن دياراً بعيدة عني تصل إلى حوالي قرابة آلاف الأميال و الكيلومترات!!! و أنا في حقيقة واقعي ....كل حياتي بعيدة عن أمي!!! قضيتها بغربة عن أمي!!! و حتى و إن هنئت معها ببضع ساعات ....يسلبها القدر مني فلا ساعات و لا ملاقاة!!!) أما ه ...كيف أتيت إلى هنا؟ ...تستمر أمي توقظني و توقظني استيقظي و ارجعي....إلى أين يا أماه أرجع؟ من أنت؟ ...أمي لست أنت؟؟!!! لم أقرأ آية الكرسي! فتجاهلت الآية ...فهي حبيبة و طيبة و رفيقة ورقيقة ممتعة...أردت بقاءها!!! حتى و إن كان علاجها بالكرسي!!!....حقيقة ....أحببت أن تطول مدة لقائي بها أمي!!! و عشقت استيقاظي منها!!! أماه ....نظراتي كلها تستلقيها ...تحضنها ....تسترقيها!!!...تريد أن أكون بين أياديها....أماه ....نظراتي ترحب فيها و صمتي يصمت يخرس ...أماه ...أماااااه....اختفت!!!! و أعقبت هاتف أمااااااه....نور القمر المنير الذي ظهر معها في الغرفة يختفي!!! صفعات أجنحة سوداء تصفعني!!! غراب يسكنني!!!!...قرأت آية الكرسي....لكيلا تأتي أختي معها ثانية!!!....تلحقها تبحث عنها....تحرمني منها....كما تفعل في العادة و الإعادة!!! .......لا أريد التخوف منها ....كانت أمي هي أو لم تكن!! لا شيء يؤسفني!!! ....كانت هنا أو هناك....لا شيء يسكن معي!!! تبقى هي هي... لوحة نور صافية ...وقفت عند باب غرفتي!!!.... و نمت!!!
مر يومين و أنا أحس بالتعب الشديد و استهلاك الكثير من الماء ...كنت على مسافة قريبة من بحيرة الوحش!!! في هذه الغربة!!! لكنه لم يظهر لي قط!!! و الغراب يسكنني ..!!! .خلال اليومين ...يتردد ...يبعثرني ...يوقظني بأمي ....و أختي ...يسلب طاقتي ...و ينساني ....فأنساه و نسيته!!! و ثم ما لبثت حتى استعدت قوتي.... و لكن بدت علي مظاهر ضعف شديد في مناعة و قوة جسدي!!! ....تمر الساعات ....و تكون أياماً تعمل في جسدي!!! و بعد ثلاثة أيام!!! كنت قد لحظت أنني كبرت سنوات!!! أكبر من سنيني!!! و درجت على التغيرات ...تتسارع ساعة بعد ساعة!!! حتى أكد لي الأطباء ما شعرت به!!! فقالوا:.... يبدو أنك كبرت قبل أوانك!!!.... كان الغراب الأبقع يسكنني و أنا أسكنه!!! و لم يزل ...!!!
تسائلني نفسي: أتراني قد أحسست بضعفه؟ أو تراني تقمصت سنه؟ و هو يشكو و لم يزل!! و هل تعرفين مما هو يشكو ولم يزل؟؟ من هو هذا الطائر؟ و هو حقيقة معي!!! يسكنني؟!! أو تفهمون كبر سني و ضعفي ....و تصفحون عني؟!!! هل تراعون كبار السن و ضعفهم قبل أن يصيبكم مصاب غرابي الأبقع؟؟ أتراه هو تركني في حال سبيلي ربما... هل هو الغراب ....خرج و لم يعد!!! و أنا لم أعد؟؟!!! و يبقى سؤالي الملح علي دوماً ...هل يا غراب سنلتقي قريباً!!؟؟ و هل سأعود؟!! ربما!!! هل نراعي الكبر و كبير السن؟؟؟!!! و بالأخص الوالدين؟؟!!!....لإن لم تكونوا فحذار ....فغرابي سيسكنكم!!!!


و قبل سفري بعيداً من غربتي متجهة لغربة نفسي في غربة وطن و غربة وطني!!! ... كنت قد تذكرت المرآة!!! و ذهبت للمزرعة الخلفية لمسكني و بحثت عن المرآة و بعد جهد جهيد وجدتها بين الأحراش التي خلف الشجرة المعمرة!!! و التقطتها فرأيت أنها مرآة عادية متكسرة!!! ساورني احساس بقرب شيء يتحرك مني...ظهر لي الغراب الأبقع فجأة و لكنه كان يبتسم!!! و اختفى ....مرت الأيام على هذه الحادثة ....و لا يزال مرض الكبر داخلي و لا يختفي ....و الحياة سعيدة و الحمد لله!!! و لا زالت المرآة معي!!! أمتلكها و تملكني!!!
رجعت لموطني!!!...واليوم و أنا قافلة من مكان تبضع في موطني!!! ....مشيت مسرعة و ظهر أمامي طائر صغير بلون ريش أزرق سماوي منقط بسواد و هو يشبه البلبل في شكله و حجمه...كان يتتبع فتات الخبز التي ينثرها آكلوا الطعام على طاولات المطعم المقابل لمكان التبضع.....تنقل أمامي بخطوات لا يفقه لها أدباً و لا مبالاة بما هو أمامي أو أمام الآخرين...اهتم فقط بالبواقي من الطعام....لحظة سريعة و أصرخ فجأة بلا شعور ولا مقدمات هكذا!!! ...إنه هجوم القطط!! هجوم كاسح من قط ذكر قوي أراد الطائر الصغير بشر....إلا أنه الهجوم كان بالخطأ!!! فقد هجم على ساقي الأيسر و خلف جرحاً سطحياً أسال بعض الدم!!! ...إنه مؤلم ...محسوس مشاهد!!! صرخت في الهواء: ما هذا !! مستهجنة الهجوم و مخاطبة القط!!!...و القط ينظر إلي بعقدة الذنب!!! حتى قططنا في عالمنا العربي تشعر بالذنب حيال كل شيء و لا شيء!!! ابتعد خائفاً مسرعاً من أمامي لا يلو على شيء سوى أن لا يتضرر مني!!! رغم أني من تضرر و لا لي ناقة و لا جمل بكل هذا!!! و أنا تتبعت مسار القط ليس لشيء!!! إلا لأن مسار عودتي كان من نفس الطريق!!! ما قصة الطائر هذا!!! ليس له مثيل في عالمنا ولا لم أر له شبيه في أزقة مناطقنا الخليجية!!! كل شيء صار غريباً هنا ...الطيور تسكنك!!! و القطط تهجم عليك!!! هل تعرفون لماذا؟!!! ...إنه الغراب الذي يسكنني!!! شكراً لكم.

انتهى!!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق